السلام عليكم
عقارب الساعة تقترب من التاسعة مساءاً بعد عودتى لسكنى الكائن بالمركز الإسلامى بميونيخ .. وبعد يوم عمل شاق أخبرنى الزملاء الذى تصادف وجودهم بحديقة المركز بوجود ضيف فى غرفتى .. ضيف؟!! أى ضيف ؟؟
عابر سبيل .. مستضاف من قبل المركز لمدة يومين وصل لتوة مرهقاً من عناء السفر لمدة يومين متتاليين وربما يكون نائماً .. رحبت فى نفسى بالضيف وهيأت نفسى أن أكون مضيفاً جيد ... صعدت الدرج بتثاقل منهكاً لاحظت الظلام يتسرب من تحت باب الغرفة فأدركت أن ضيفى يغط فى نوم عميق وتيقنت من ذلك بعد فتح الباب .. فلم أشعل الضوء .. بدلت ملابسى ولحقتة فى سبات عميق ..
اليوم التالى قبل السابعة صباحاً بدقائق .. جاهدت محاولاً إغلاق المنبة حتى لا يقلق ضيفى ... نفضت النوم عن عينى لأجدة ما زال يغط فى نوم عميق ... يبدو أن رحلة السفر كانت حقاً متعبة ... إستعددت للتوجة للعمل حريصاً ألا أزعج الضيف .. إنتهيت وأستعد لمغادرة الغرفة إستيقظ ضيفى من نومة فجأة ... رآنى إبتسم .. مددت يدى لمصافحتة وعرفتة بإسمى وبلدى وبادرنى هو محمد من غزة .. غزة؟!! هل أتيت البارحة من غزة ؟ نعم .. مفاجئة سارة جداً لى .. أستأذنك يجب أن أذهب لأن الأتوبيس سيمر خلال دقائق لكن لنا لقاء آخر الليلة إن شاء الله .. ستكون هنا أليس كذلك؟ نعم إذن حتى المساء أستودعك الله .. غادرت الغرفة متشوقاً إلى المساء تقفز فى عقلى أسئلة الحوار الذى سيدور مساءاً مع ضيفى ...
حان المساء والعودة إلى المنزل ..
يتبع
***********************
تحديث
أسرعت إلى الغرفة وسرى السرور فى نفسى عندما لمحت ضوء الغرفة .. ضيفة لازال مستيقظاً .. ذرقت الباب ثلاثاً ودلفت إلى الحجرة مرجباً بضيفى .. أحاول أن أتشمم رائحة غزة وأهلها .. ليست المرة الأولى التى أقابل فيها فلسطينى من غزة ولكنها المرة الأولى التى أستقبل فيها رائحة غزة مباشرة لتنتشر فى المكان وتلمس يداى تراب فلسطين فى كفة ... كان لذلك سحر خاص بالنسبة لى جلست أمامة على سريرى مرحباً به .. وإستأذنتة إذا كان لدية الوقت والجهد للحديث فرحب مشكوراً .. ودار الحديث كالتالى (أستأذنكم فى كتابة الحوار كما دار بيننا بالعامية):
أول مرة حضرتك تيجى ألمانيا؟
أنا فى ألمانيا من عشرين سنة
فين فى ألمانيا؟
فى هانوفر
حضرتك لسة جاى من غزة؟
نعم
إية الأخبار؟ وإزاى أهلنا فى غزة؟
والله الحال صعب كتير فى غزة الحصاروالمعبركلة صعب والله
المعبر مقفول تماماً؟
تماماً .. آلاف على المعبر عالقين لا بيعبروا لمصر ولا لغزة وأطفال وكبار شئ صعب
هو المعبر مقفول من غزة وللا من مصر؟
من مصر وإسرائيل
بس إسرائيل ملهاش تحكم فيه
صحيح أقرب إسرائيلى على بعد 3 كم من المعبر لكنهم بيراقبوة بكاميرات مراقبة ومصر كمان مانعة الدخول من ناحيتها طبعاً عشان الإتفاق اللى كان صاير بينها وبين فتح .. لكن لما جات حماس فى غزة أصبح مفيش إتفاق كان معاها وعلقت مصر الإتفاق المبرم لأنة كان صاير مع حكومة تانية
سمعت إن فيه ناس بتموت يومياً على المعبر
أوووه 20 ، 30 واحد ولا حد بيشوف فيهم
وكل الناس عالقين محدش بيهرب ؟
مستحيل ، العبور بس مسموح به للحالات الإنسانية فقط
حالات إنسانية ؟ بنسمع إن فيه مرضى بيموتوا على المعبر وزى ما حضرتك قلت 20 شخص مثلاً
الحالات الإنسانية اللى بيعتبروها بيتم تبادلها عن طريق منظمات حقوق الإنسان والمسموح لهم بالعيور اللى معهم إقامات بدول أخرى بيخلوهم يعبروا بس
يعنى اللى معاه إقامة فى دولة أجنبية إسمة حالة إنسانية
نعم
وبعدين بتروحوا على برة إزاى من مطار القاهرة ؟
نعم لكن بيكونوا حابسينا فى باصات
إزاى؟
بنركب باص من رفح للعوجة وبعدين من العوجة للقاهرة وبيكون فى الباص عساكر مسلحين لمنعنا من النزول من العوجة حتى القاهرة .. حتى كان فيه شخص عندة السكرى وكان لازم ينزل فى الطريق لكنهم منعوة .. قال للعسكرى أنا عندى السكرى فرد عليه العسكرى وأنا عندى أوامر وبنوصل فى مطار القاهرة بيحطونا فى مخزن كبير فى المطار القديم تقريباً
لغاية ما ييجى ميعاد الطيارة؟
فيه بعضنا عندة طيارة والبعض معندوش
وبعدين؟
أول يوم ليا فى المخزن قالوا إن الطيارة كومبليت ولا فيش مكان فيها والناس اللى قابلتهم هناك قالولى إن عندهم إسبوع مش لاقيين طيارات فاضية .. طلبت أتصل بمدير مكتب مصر للطيران هنا وطلبت منة مكان فاضى على طيارة بكرة .. هو يعرف حضرتك؟
آه يعرفنى .. وأوجد لى مكان على رحلة اليوم ولولا كدة كنت ظللت إسبوع يمكن بالمخزن
والطريق من العوجة للقاهرة فيه أكل ؟
ممنوع التوقف بالباص تماماً .. اللى معه شئ معة بياكلة .. وفيه ناس بتموت فى الطريق لما بتوصل لأنو الطريق بياخد يومين من رفح للعوجة إلى القاهرة
يعنى حضرتك من يومين مسافر ولسة واصل من القاهرة كمان
نعم .. صار لى يومين ولا نمت فيهم .. مشان هيك نمت اليوم بعافية كتير
حمداً لله على السلامة
الله يسلمك يا سيدى
وإية رأى أهل غزة فى حماس مبسوطين دلوقتى؟
والله فى مظاهرات بالجمعة ضد حماس لأن غزة تحولت لسجن كبير وغير آمن .. تخيل حالك فى مكان ما بتعرف تخرج منة ولا تدخل لة .. وبأى وقت إتوقع غارة ممكن تروح إنت ضحيتها ...
بمناسبة الغارات إزاى تعاملكم بيكون معاها ؟
اليهود بيعطوا ساعات فرصة للهرب من مكان الغارة قبلها بعشر دقائق مثلاً كيف ما حصل مع واحد أعرفة بغزة إتصلوا به الساعة اتناشر بالليل من الطيارة وقالوا لة معاك 10 دقائق تخلى البيت عشان نقصفة .. صحى أهلة ونزلهم للشارع وراح يصحى جيرانة وتم قصف الدار بعدها فعلاً
هم بيقصفوا البيت ولللا الأشخاص ؟
هم كانوا عاوزين المكان لأنهم كانوا بيشكوا إنة بيتصنع فيه أسلحة ، مكان مشبوة بالنسبة لهم
أظن صوت الطائرة دة مفزع بالنسبة لكم لأن معناها فيه غارة
لا أبداً بالعكس لما نسمع صوت طائرة نطمـئن لأن الطيارات اللى بتعمل الغارات بتكون بدون طيار وبتحلق على إرتفاعات عالية مالها صوت وترمى القذيفة ما تحس إلا بالقذيفة بس
والأباتشى ؟
قليل جداً ما يستخدموها ، فى الإغتيالات فقط وليس دائماً
نرجع تانى لغزة .. يعنى الناس فى غزة مش مبسوطة من حماس ؟
هى كانت مبسوطة بالأول ومين يرفض إقامة حكومة إسلامية بالعالم الإسلامى كلة لكن بعد مرور الوقت بدأ الناس تشعر إن سيطرة حماس على القطاع جابتهم لهم مشاكل هم معندهمش حلها .. فيه مشكلتين رئيسيتين يحس بيهم الغزاوى العادى بالشارع وهى الحصار على كل شئ بداية من الغذاء حتى البترول ومواد البناء اللى أثرت كتير فى إقتصاد غزة .. الحصار أصبح يدخل لنا فقط المواد الغذائية المهمة فقط وبكميات قليلة جداً جداً جداً عن طريق المؤسسات الإغاثية والعالمية وهم مضطرين لكدة تلبية للمجتمع الدولى والإنسانية فقط .. يعنى ما عاد يدخل لنا مواد بناء وأغذية الأطفال المهمة والأغذية والمنتجات الإسرائيلية الحيوية وكمان ما عادوا ياخدوا من غزة الخضار والفاكهة ولا شغيلة (عمال ) ودة أصاب الوضع بغزة بقحط كبير كلة عاطل عن العمل لأن ما عاد فيه أعمال لا داخل ولا خارج القطاع .. السلبية التانية هى وقف العمليات الإستشهادية تماماً
لية ؟؟
لأن أى عملية إستشهادية تتم من حماس معناها تصفية زعماء حماس جسدياً وهم حكومة وليسوا تنظيم أو حركة فقط كالسابق .. عشان كدة العمليات الإستشهادية توقفت تماماً
والعمليات الإستشهادية مؤثرة ؟؟
طبعاً جداً .. أولاً اعداد الهجرة إلى إسرائيل تقل إلى أن وصلت بعد الإنتفاضة التانية لهجرة إلى الخارج والعودة للأوطان الأصلية .. كمان تضرب السياحة وحتى السياحة الدينية منها .. كمان الكلمة الأولى التى تهم إسرائيل هى كلمة أمن وأمان .. روح إسرائيل فى الأمان ما عادوا بيشوفوه .. كل شئ عندهم لازم يؤدى بالأخير للأمن والأمان غير كدة ما يروا إفادة لهم
معنى كدة إن بقاء حماس فى غزة إفادة لهم
طبعاً مفيد كتير جداً
والخسائر العائدة على إسرائيل من الإعتماد على منتجات مزارع غزة وتوقيف العمال الفلسطينيين يتعوضوا طبعاً أمريكا لهم ؟
طبعاً من تحت ومن فوق الترابيزة
والإيجابيات من سيطرة حماس بالنسبة لقطاع غزة ؟
الفساد .. القضاء على الفساد اللى كان مسيطر عليه فتح .. كمان فرص العمل فى الشرطة فتحت أبواب لناس كتير للعمل بعد عزل أنصار فتح من شرطة غزة والإعتماد على أعضاء حماس بس .. بس بنشوف الوظائف دة هى عاطلة لأنهم بالحقيقة لم يخلقوا فرص عمل جديدة ، حماس بس شالت فلسطينى فتحاوى وحطت فلسطينى حماساوى
وحماس مضطرة تدفع فلوس للإتنين عشان يعيشوا ؟
لا الفتحاويين المعزولين فى غزة بتمشى رواتبهم من فتح بالضفة .. عباس قالهم خليكم بالبيت ورواتبكم ماشية كما هى
طيب
يبقى كدة شال التكلفة من على حماس وابقة حماس أوجدت فعلاً فرص جديدة لناس لم يكن لهم مصدر رزق فى حين المعزولين لهم مصدر رزق أيضاً من الضفة
ودة حل برأيك ؟
مش حل لكن أضعف الإيمان مؤقتاً على ما تفرج
دة رأى الغزاويين على أى حال لكن برأيى مش شايفة حل
طيب يعنى حماس غير مدعومة الآن من شعب غزة ؟
والله الغزاويين بدهم طبعاً حماس كشكل إسلامى لكن مات يمس المواطن ورجل الشارع يومياتة والمصارى ... مصدر رزق ودة راح بإغلاق القطاع وتوقيف العمل
طيب فعلاً المواطن أو الاجير اللى بيشتغل عشان قوت يومة فقط إزاى عايش فى الحصار بدون عمل وبدون مصدر رزق ؟؟
محدش بيموت من الجوع ... المؤسسات الإنسانية والإغاثة والأمم المتحدة بيجيبوا الأكل
وضع صعب فعلاً أن تكن محاصر غير آمن فى بيتك وفى بلدك
فعلاً وفى الحقيقة أصعب منة كتير عن الحكى
طيب إية الحل برأيك؟
برأيى إن حماس تخرج بالإعلام وتقول إن فيه مهلة إذا لم يقوم المجتمع الدولى بفك الحصار على القطاع فإن حماس لن يعود بمقدورها إلزام الحركات بالقيام بعملياتها الإستشهادية .. بس إسرائيل تخاف وممكن تعطى أكتر للقطاع
طيب ولية حماس متعملش كدة فعلاً ؟
لأن قادة حماس لا يقولوا إلا الصدق فإذا قالوا ذلك فمعناها أنهم فى صدد ذلك فعلاً أما إنهم يقولوا شيئاً لا ينوون عملة فليس من مبادئهم
ممممم ... لكن دة حرب والحرب خدعة
دة مبدأ حماس
إنتهى الحوار مع ضيفى عن الجانب العام والمرتبط بالوضع فى قطاع غزة